..فهناك ارواح تتألف بمجرد ان تلتقي وهناك ارواح تتنافر برغم تعارفهم .
بقلم إيمان فاروق
العشرون
تأكل الغرفة ذهابا وإيابا من الحزن والضيق فمنذ ان اتتها رسالة ابنة عمها رهف التي تخبرها فيها بقدومها للعاصمة اليوم ومشجراتها مع زوجها من أجل هذا القدوم ..وبعدها تواصل ابن عمها معها واخبارها بخروج أمه وجهله بمكانها وهى أيضا يأكلها القلق على هذه السيدة ولكنها تظن أن تكون توجهت الى بيت ابتهال او أحد ابنائها الرجال او ربما تكون في زيارة لأولياء الله الصالحين فهى من عادتها زيارة تلك الاماكن المباركة لتستبارك بها وبفضل هذا كله مازلت تقبع في حجرتها ولم تخرج منها الا على صوت ابيها يستدعيها قائلا بصوت جهوري يا هياام ..تعالى يابنتي سعدي امك في توضيب المطبخ واعمليلنا كوباية شاي .. ويكمل بمداعبة قائلا والا الجميل لسه بيفكر في موضوع العريس اللي شاغل تفكيره .
ابتسمت بسخرية ممزوجه بالخجل فهى اقرت بينها وبين نفسها انها لن تقبل بشخص لمجرد اغاظة الأخر ..فأخلاقها لن تسمح لها بفعل بشئ كهذا حتى وان كان هذا الفعل ثأر لكرامتها امام ابن عمها الذي غدر بمشاعرها النبيلة التي كانت تكنها له ..ولكن ليس لرجل أخر ان يدخل نفسها لمجرد هذا فهى لن تغدر بأحد ولن تكون مجرد زوجه بدون قلب ينبض بمشاعر راقية واخلاص نابع من الحب المتبادل ستنتظر من يخفق له قلبها لذلك قررت أن تتحدث مع ابيها في هذا الأمر لكي يتراجع قبل ان يبلغ اهل الخاطب كما قالت له بالأمس القريب ولكنها تفاجأت بزوجة ابيها تقول بس انت سيب بنتي في حالها وانا عملتك الشاي اهو ..تعالى بقى لما اقولك على اخر الأخبار .
حدقها منتبها لما تفوهت به وتوجز خيفة مما سيقال بفضل تبادل النظرات بينهم الذي جعله يتوجز شئ بعينه مما جعله يهتف قائلا ايه في ايه انا متوغوش من نتظراتك انتي وهى قولي في قالها بصوت حاد قليلا جعلهن يرتبكن فزوجها عندما يغضب لا يستطيع أحد أن يقف امامه فلذلك قررت البوح بصورة هادئة وهى تقول له بتريث طب بس اهدى يا حج .. أنت قفشت ليه كده الموضوع يخص ام كمال ..مرات المرحوم اخوك شكلها غضبانه عند بنتها والا حد من ولادها الرجالة ام محمود وأم سعد كانو بيتكلموا الصبح وانا بجيب الطلبات ..شفوها شايلة شنطه سفر صغيرة ولما سألوها قالت راحة مشوار لكن سامر طلع يسأل هيام الصبح وهو حالته متسرش كان متلغبط وتايه كده وبعدها نزل بس اللي فهمته أنها مش راضية بموضوع جوازة بسبب ان العروسة رفضت تسكن معاها زي ما كان نفسها وان مرتات عيالها مزعلينها ام سعد ومرات ابنها كانوبيقولو كلام زي كده .
ما كان عليه غير ان يحوقل فهوا كان يتمنى أن يكون ابن أخيه زوج لأبنته اليتيمة حتى يكون مطمئن ولكنه لن يفرضها عليه فهى ليست بالبخسة حتى يفعل هذا فهى درته الغالية التي يتمنى قربها آلاف من الرجال من ذو المناصب العليا لذلك لن يدنئ نفسه له طالما توجه بالخطبة من غيرها ولكن ما ذنب تلك السيدة التي افنت عمرها عليهم وفي تربيتهم كيف لهم ان يكونوا ابناء عاقين لها بهذا الشكل اين عقول ابناء أخيه الذين كانو يضربوا بهم المثل في الاخلاق ورجاحة العقل وحبهم لوالدتهم .
. . . . . . . . . . . .
مازال كمال يقف عالقا أمام الإشارة الحمراء بشرود لتأتي صورتها في مخيلته متذكرا اياها شاردا بصوتهاوهى تردف اليه بحنان يالا يا كيمو ياقمر امسك في ايدي علشان نعدي الطريق .
كمال بتذمر طفولى وهو يحرك كتفيه بعناد قائلا بجهور وهو يبتعد عنها يوو يا ماما ..انا راجل ومش خاېف اعدي لوحدي ..شوفي حتى .
كاد ان يتحرك ليتذكر لهفتها وقتها عليه كم هرولت في فزع وتوتر كاد أن يوقعها على الأرض في فزع وهى تقول حتى توقفه طب بس استنى في راجل يسيب امه الست الضعيفة واخوه الصغير ويمشي لوحده من غير مايطمن عليهم ..انا ياسيدي الي خاېفة .. حتى شوف كده .
شحنت بداخله وقتها نخوة جعلته يملأ رأتيه بالهواء وشعر وقتها انه رجل كبير بالفعل وعليه الحفاظ عليها وعلى أخيه الاصغر فأجابها بغرور استشعره وقتها ليقول بتفاخر طبعا انا راجل ومش همشي واسيبك انتي ورءوف .. ليكمل مستطردا بصدق اصلا انا عمري مهتخلى عنك يا ماما أنتي واخوايا ..هاتي إيدك لما اعديك ..تشبس بيديها وقتها وكأنه هو الذي يسير بها الى درب الأمان ولكنه ايقن الأن انه لا يساوي شئ أمامها .. فهو خالف عهده معها ومع ابيه فهى وصيته الاخيرة التي اوصاه بها في اخر ايام حياته قبل ان تتوفاه المنية ليتذكر قول ابيه وقتها كمال يابني ..انت الراجل الكبير من بعدي ..امك واخواتك البنات امانه عندك